الدكتورة بربارا ميخالاك

مديرة معهد الاستشراق

جامعة ياجيلونسكي في كراكوف

بولندا

  • بربارا ميخالك – بيكولسكا
  • رئيسة قسم اللغة العربية
  • مائة عام من دراسات اللغة العربية وآدابها في جامعة ياجيلونسكي في كراكوف – الإنجازات والصعوبات
  • مدينة  كراكوف  هي  واحدة  من  اكبر  واقدم  المدن البولندية . في  عام 1038 جعل  منها  الملك  البولندي Kazimierz Odnowiciel (كاجمييج  أودنوفيتشيل)  عاصمة للدولة  البولندية . ان  أقدم  مقر لجامعة  ياجيلونسكي  هو  مبنى  Kollegium Maius (كوليجيوم مايوس)، الذي  يعتبر  من  بين  اروع  الأبنية  في  الجزء  القديم  من  كراكوف ، اذ  يعود  تاريخ  بنائه  الى  القرن  الخامس  عشر . وفي  عام 1978 اعلنت  منظمة  اليونيسكو  هذه  المدينة  مركزا  محميا  للتراث الثقافي العالمي  وهي  حاليا العاصمة  الأوروبية  للثقافة.
  • في عام 1364 اسس  الملك  البولندي  Kazimierz Wielki  (كاجمييج  فييلكي)  في  مدينة  كراكوف، عاصمة  المملكة  البولندية آنذاك، جامعة  كانت  الاولى من نوعها في  اوروبا  الوسطى. ويرجح  ان  مقرها  كان  قائما  في  القصر  الملكي  “فافيل”  على  مرأى  من عيني الملك  نفسه.       ولم  يمض وقت  طويل  على  تأسيس هذه الجامعة حتى  شغلت  مكانا  مرموقا  في الثقافة  العالمية. كان  Stanislaw ze Skalbimierza (ستانيسواف  من  سكالبمييج) ( المتوفى  عام 1431) اول  رئيس  لها، ويعتبر اليوم  احد  واضعي  القانون الدولي  العام. ازدهرت  جامعة  كراكوف  في مجالي الرياضيات  وعلم  الفلك  في  النصف  الثاني  من  القرن  الخامس  عشر وقد  درس  فيها  في  الفترة               1491  1495 عالم  الفلك الشهير نيقولاوس  كوبرنيكوس صاحب  النظرية – الثورة                                              niebieskich O obrotach cial (عن دوران الأجرام السماوية). ومما  يدل  على  مكانة الجامعة  العالمية  المميزة  في  ذلك  الوقت  ازدياد  عدد  الطلاب الأجانب  في  صفوفها حيث  بلغت  نسبتهم  44%  من  مجمل  عدد  الطلاب  الدارسين خلال الفترة  الممتدة  من 1433 1510. وأصبحت  كراكوف  الى  جانب اشبيليا  وتوليدو المركز الأكاديمي  الأكثر  شهرة،  وأضحت  جامعتها  مركزا  هاما  لعلوم الجغرافيا ايضا. وقد تم  ادخال  تعليم  اللغة  اليونانية الى حقل التدريس في بداية القرن  السادس  عشر  الأمر الذي  شكل  سابقة  لا مثيل  لها  في أوروبا. وفي  ذلك  العصر  نشأ  فيها  شعراء  مشهورون بولنديون  مثل  Jan Kochanowski (يان  كوخانوفسكي)  و Mikolaj Rej (ميكواي  ري)  و  Andrzej  Frycz Modrzewski (أندجي فريتش  مودجييفسكي). وفي  نهاية  القرن  السابع  عشر  كان الملك  البولندي  Jan III Sobieski (يان  سوبييسكي  الثالث)  أحد طلاب  هذه  الجامعة  التي  شهدت  في  القرن  الثامن  عشر  تطورات  ايجابية، حيث  بدأ  فيها  التعليم المنظم  للغات الأجنبية  المختلفة  كالفرنسية  والألمانية، وأدخلت  الى مقرراتها  محاضرات  حول  القانون  البولندي  والهندسة  العسكرية.  وقد اجرى  رئيسها  في  تلك  الفترة  Hugon Kollataj (هوغون  كوونتاي)  اصلاحات  جذرية  فيها ،  فأحدثت  بنية  تنظيمية  جديدة ، و أنشئ  مرصد  فلكي ، وحديقة  للنباتات و مستوصفات  سريرية  بالإضافة إلى ذلك بني  أول  مخبر فيها. أخذت المحاضرات  تلقى في أقسامها باللغة  البولندية. ومنذ بداية  عام 1817 اصبح  اسم  هذه  الجامعة ” جامعة  ياجيلونسكي ” وغدت  أحد أهم المراكز العلمية في  العالم. وكان  لتوسيع بنيتها التحتية الفضل الاكبر  في الوصول  الى  ذلك  المستوى  العلمي  الرفيع . في  العام  الدراسي  الذي  سبق  الحرب  العالمية  الأولى  كان  في  هذه  الجامعة 97 قسما واكثر  من  ثلاثة  آلاف  طالب و طالبة ، وقد  بدأت  الطالبات  بالدراسة  فيها  منذ  عام 1897 .
  • لقد  كان  وضع  جامعة  ياجيلونسكي  تحت  نير  الاحتلال  النازي اثناء  الحرب  العالمية  الثانية  مأساويا  . في  السادس  من  شهر  نوفمبر  عام 1939 قام  الألمان  بدعوة  اساتذة الجامعة  لمحاضرة  كانت  بحقيقتها خدعة . حيث قام رجال  الأمن  الألمان  باعتقال 144 استاذا  ومعيدا  وعددا  من  طلاب كلياتها  أرسلوهم  جميعا  الى  معسكرات  الاعتقال  والتعذيب ، وأغلقت  الجامعة  وتم  فك  وتخريب  الكثير  من  تجهيزاتها  ونقل  الجزء  الكبير  منها  الى  المانيا . لكن  إرادة  العلم  عند هؤلاء  الكوادر  والطلاب  بقيت  حية  وبدأ  التعليم في الجامعة من  جديد  ينشط  سرا . فحتى  نهاية  الحرب  العالمية  الثانية  عام 1945 تلقى  العلم  فيها  سرا  حوالي  800 طالبا. وفي  العام  الدراسي  الأول  بعد  الحرب  بلغ  عدد  الطلاب  المسجلين  فيها  اكثر  من  خمسة  آلاف . و لسوء  الحظ بدأت  في  عام  1948 فترة  سيئة  في  تاريخ  هذه  المؤسسة التعليمية ، حيث  شملتها  سلبيات  ما سمي  بفترة  الحكم  الستاليني . ولكن  عام  1956 شكل  نقطة  انعطاف  حيث  بدأ  الأساتذة  المبعدون  من  قبل  بالعودة  اليها . وفي عام 1964 احتفلت  جامعة  ياجيلونسكي  بذكرى  مرور  600 سنة  على  تأسيسها.
  • تتألف  هذه  الجامعة  حاليا  من  احدى  عشرة  كلية  هي : الحقوق  والادارة ، الفلسفة ، التاريخ ، الآداب ، الرياضيات  والفيزياء ، البيولوجيا  وعلوم  الأرض ، الكيمياء ، وكلية  ادارة  الأعمال والعلاقات  الاجتماعية . وابتداء  من  12 مايو عام 1992 عاد  كوليجيوم  الطب  ليصبح  احد أقسامها الرئيسية. يتخذ  رئيس  الجامعة  وعمداء  كلياتها  مقارا لهم  في  مبنى  كوليجيوم  نوفوم  الذي  تم  بناؤه  في  عام  1887. بالقرب  منه  يوجد  مبنى  كوليجيوم مايوس ، الذي  يعتبر  أول  كوليجيوم  للأساتذة  وقد  كان  في  القرن  التاسع  عشر  وبداية  القرن  العشرين  مقرا  لمكتبة  ياجيلونسكي . أما  متحف جامعة  ياجيلونسكي ،  المتواجد  حاليا  في  هذا  المبنى  والذي  يضم  مجموعة  من  التجهيزات  القديمة  المعدة  للتعليم  وتذكارات  من  مختلف  فترات  عمل  الجامعة  وصورا عديدة لأساتذتها ، هو  دليل  حي  وقاطع  يثبت  أنها  أقدم  مؤسسة  تعليمية  في  بولندا .   
  • تعود  بداية  تاريخ  قسم  الاستشراق  في  كراكوف  الى  عام  1919 عندما تم ، بناء  على  اقتراح  من  الاستاذ Tadeusz Kowalski تاديوش  كوفالسكي ، تنظيم  ندوة  حول  موضوع  آداب  الاستشراق .
  • درس تاديؤش  كوفالسكي  في  فيينا  وكان  مدرسه  الاستاذ Rudolf Geyer العالم  الكبير  في  مجال  الأدب  العربي  الكلاسيكي . وقد  بدأ  العمل  عام  1911/1912 في  جامعة  ستراسبورغ ، التي عمل فيها آنذاك  محاضران  قديران  في  مجالي  الاستعراب  والاستشراق  هما Theodor Noldeke و Enno  Littman . وفي عام 1914 حصل تاديؤش  كوفالسكي  من  جامعة  ياجيلونسكي  على  درجة  بروفيسور  مساعد بعد تقديمه  الطبعة  النقدية  لديوان  الشاعر  العربي  القديم  قيس  ابن  الحاتم  وترجمته . وكانت  هذه  أول  درجة  علمية  بهذا المستوى  تم  تحقيقها  في  مجال  الاستعراب في  تاريخ  العلوم  البولندية . ولم  تقتصر  اهتمامات  تاديؤش  كوفالسكي  العلمية  على  الشرق  الأوسط  العربي  بل طالت  أيضا   تركية  وفارس . وكمستعرب فقد  انصب  اهتمامه  على  الشعر  العربي  القديم ، اذ  اصدر ، من  بين  ما اصدره ، ديوان  قيس  ابن  الحاتم (1914) وكعب ابن  زهير (1950) وذلك  بالتعاون  مع  الأستاذ  تاديؤش  ليفيتسكي . عدا  ذلك  اهتم  بنظرية  الأدب  العربي   وأثمر  ذلك كتابا  نشره تحت عنوان “Proba charakterystyki tworczosci arabskiej (محاولة وصف  وتصوير الإنتاج  الأدبي العربي)  (1932) . وفي  عام 1935 اصدر  في  كراكوف  كتابا  بعنوان  “Na szlakach Islamu ” (على  دروب  الاسلام )  وهو عبارة عن مقتطفات  من  تاريخ  ثقافات  الشعوب  الاسلامية . أما  في  عام  1946 فقد  نشر  مجموعة  من  تقارير لابراهيم  ابن  يعقوب  عن  سفره  الى  البلدان  السلافية نقلها  البكري.[
  • ولمع  اسم  استاذ  آخر في  مجال  الاستشراق هو Tadeusz  Lewicki (تاديوش ليفيتسكي) وكانت  له  شهرة  عالمية . ولد  ليفيتسكي  في  التاسع  والعشرين  من  شهر  يناير 1906 في  مدينة  لفوف ، وبدأ فيها ، عام  1925 ،  دراسة  الحقوق  و ذلك في  جامعة  يان  كاجمييج . في  عام 1928 سافر  الى باريس  حيث  درس  العلوم  السياسية  واللغات  الشرقية وكان راغبا  في  الوقت  نفسه  بالعمل  في المجال  الدبلوماسي  وبالسفر  الى  بلدان  العالم  الاسلامي . ومن  هناك  سافر ، للمرة الأولى ، إلى  الجزائر حيث  عاش  في  الوسط  العربي  عدة  شهور ، وقام   برحلته الأولى  في  الصحراء مرتديا  لباسا بدويا ، مرافقا رعاة  الجمال. وقد  كان  لاتصالاته  بالعالم  العربي ، في  سن  شبابه ، تأثير  كبير  على  مسيرة  حياته  كاملة . وبعد  عودته  الى  لفوف  بدأ  دراسة  الاستشراق  تحت  اشراف  الأستاذ         Zygmunt Smogorzewski ( زيغمونت سموغوجيفسكي ) الذي  كان  في دراساته مهتما  بالدرجة  الاساسية  بطائفة  العبادية  المسلمة . في  عام 1931 نال  درجة  الدكتوراه  بعد  تقديمه  بحثا  عن  تاريخ  افريقيا  الشمالية في  فترة  مبكرة  من  العصور  الوسطى . وقد  ضمه الاستاذ سموغوجيفسكي الى  دائرة  المهتمين  بطائفة العبادية  وبشكل  أساسي إلى اتباعها من  مزاب  في  الصحراء الجزائرية  الوسطى ، ومن  المغرب  العربي  ومن  جزيرة  جربة و عمان . وقد  تابع  الاستاذ  اهتمامه  بهذا  المجال  حتى  نهاية  حياته واصبح  أكثر الباحثين اعتبارا وشهرة في  اوروبا في  هذا  الاختصاص . ان حصوله  على  منحة  في  جامعة  السوربون  في  الفترة 1932 1934 مكنه من  جمع  الكثير  من  المواد العلمية عن  تاريخ السلافيين واللغة  العربية  وآدابها حيث  نشرها لاحقا في  عمله الذي يحمل  عنوان ” بولندا  والدول  المجاورة  لها في  ضوء ”  كتاب  روجير”  لعالم  الجغرافيا  العربي  الادريسي من  القرن  الثاني  عشر” (الجزء  الأول 1945 ، والجزء  الثاني 1954) .
  • في  عام 1948 ترأس تاديؤش  ليفيتسكي  قسم الاستشراق  في جامعة  ياجيلونسكي  وحوله في  عام 1972 الى معهد للغات  الشرقية  وآدابها  الذي  ضم  وقتذاك  الاقسام  التالية : قسم اللغة  العربية  وآدابها ، قسم  اللغة  الفارسية  وآدابها ، وقسم  اللغة  التركية  وآدابها ، وقسم  اللغة  الهندية  وآدابها ، ثم  قسم اللغة  اليابانية  وآدابها ( منذ عام 1989 ). وهكذا  جعل ليفيتسكي  من قسم اللغات  الشرقية  وآدابها  الذي  خلفه الاستاذ  تاديؤش  كوفالسكي  بعد وفاته ، معهدا له  شمولية  اوسع  في  مجال  البحث  ليشمل  بلدان  وثقافات  الشرقين  الأقصى  والأوسط  وصولا  حتى  افريقيا  الغربية . وبفضل  جهود  هذا  الاستاذ  نشأت في  عام 1959 مجلة Folia Orientalna (فوليا أورينتالنا). عدا  ذلك طلب  منه  التعاون والمساعدة  في اعداد الطبعة  الثانية  لموسوعة  الاسلام حيث أغناها بالتعابير والمفاهيم  التي  تخص تاريخ  افريقيا  الشمالية وثقافتها  ولهجاتها . ومنذ  بداية  الستينات انخرط  الاستاذ  ليفيتسكي  في اجراء ابحاث  حول  تاريخ  افريقيا ،  وعلى  وجه  الخصوص اهتم بالكتابة حول  البربر .
  • قبيل  نهاية الخمسينات قام  الاستاذ  ليفيتسكي  بانشاء  شعبة الدراسات  المتعلقة  بالقطع  النقدية  والأوراق  المالية في  معهد تاريخ  الثقافات  التابع  للاكاديمية  البولندية  للعلوم .  تحولت  هذه الشعبة  في  عام  1968 الى  شعبة  خاصة بدراسة  مصادر  الاستشراق  واصول  القطع  النقدية  والأوراق  المالية في  معهد  اللغات  الشرقية  وآدابها . وقد  شجعه على  اتخاذ  هذه  الخطوة  العثور على  قطع  نقدية  عربية في  الاراضي  البولندية . وبعد عدة  سنوات  من ذلك  الوقت قام  بتوسيع  مجال عمل  هذه  الشعبة  لتشمل  الابحاث المتعلقة  بمصادر الاستشراق التي بدأها بنفسه  قبل  ذلك  الوقت  بعدة  سنوات عندما اصدر في  عام 1956 الجزء  الأول بعنوان ” Zrodel arabskich do dziejow Slowianszczyzny ” (المصادر  العربية  المتعلقة  بتاريخ  حياة  الشعوب  السلافية ) .  وكذلك كان  الاستاذ  ليفيتسكي  أول  من  ترجم  كتاب  الف  ليلة  وليلة  الى  اللغة  البولندية  ترجمة  كاملة  نشرت  في  وارسو  في  عام  1974 . تتألف  قائمة  الاعمال  والكتب  التي  اصدرها  الاستاذ  ليفيتسكي  في  الفترة 1929 – 1993 من  حوالي  خمسمئة  نقطة  تشمل  المقالات  والاعمال  النقدية  والكتب التي  تتناول ، بالاضافة  الى  طائفة  العبادية  المسلمة ، تاريخ  العصور  الوسطى  لكل  من اوروبا  وافريقيا  الوسطى وجنوب  شرق  آسيا. 
  • وهناك  اسم  لامع  آخر  في  هذا  المجال  هو  الاستاذ Roman Stopa (رومان ستوبا)  (18851995) ،  الذي  بعد  انتهائه  من دراسة  الأدب  الكلاسيكي  بجامعة  ياجيلونسكي  سافر  الى  أفريقيا  الجنوبية  وتعلم  هناك  اللهجات  المحلية . وكان  المتخصص  الوحيد ، في مرحلة الأربعينات ، بعلم  لغات  ماسمي ” بافريقيا  السوداء ” ، وقد  حاضر  وقتذاك في مجال  اللغات  السواحلية  والهوسة  والكوشي .
  • أما  الاستاذ Andrzej  Czapkiewicz (1929 – 1990) فكان شخصية بارزة  في  مجال  اللغة  العربية  ولهجاتها وكذلك  في مجال اللغات  السامية . في  الفترة 1948 – 1952 درس  اللغة  العربية وآدابها  في  جامعة  ياجيلونسكي  تحت  اشراف  الاستاذ تاديؤش  ليفيتسكي . بعد التخرج  عين  معيدا  مساعدا  للاستاذ  ليفيتسكي ، وفي  عام  1964 نال  درجة  الدكتوراه بعد  تقديمه  بحثا  عن  Antyczne egipskie i koptyjskie elementy w nazewnictwie wspolczesnego Egiptu (العناصر  المصرية  والقبطية  القديمة  في  اصول  واشكال  التسميات  في  مصر  الحديثة ) ، وقد  نشر هذا البحث  في  كراكوف عام  1971 . وفي  عام  1975 صدر  له  في  مدينة  فروتسواف  البولندية  كتاب  بعنوان ” الفعل  في  اللهجات  العربية  المعاصرة ” وقد  عني  هذا  الكتاب  بمشاكل  علم  اللغة  في  العالم العربي  كما  هو  حال  اعماله  الأخرى مثل  „Sprachproben aus     Madaba (نصوص  تجريبية  من مادبة ) التي صدرت  في  فروتسواف  في عام 1960 ، و ”  المصطلحات  العربية ” التي  صدرت  في  عام 1983 . وتشير  عناوين  اصدارات  الاستاذ  تشابكيفيتش الى  اتجاهين  اساسيين  في  ابحاثه المنصبة على مجال  علم  اللغات  أولهما: علم  اللغات  وتاريخ  علم  اللغة  في  العربية ؛ وثانيهما: دراسة  او  جمع  القطع  النقدية  والاوراق  المالية  العربية . واصدر  في  هذا  المجال  بالاشتراك  مع Maria Czapkiewicz  وتاديؤش ليفيتسكي دراسة  علمية  بعنوان „Skarb dirahmow z Czechowa (خزينة  الدراهم  من  تشيخوف )  التي  نشرت  في  فروتسواف  عام 1957 . عدا ذلك  قام  الاستاذ  تشابكيفيتش  بكتابة  عدة مؤلفات  لتعليم  اللغة  العربية منها ” نتعلم  اللغة  العربية ” ( في  عام 1977 ) و ” مختارات  من  النصوص  العربية  الاختصاصية ”  ( في  عام  1982) .
  • وقد  ترقى  الاستاذ  تشابكيفيتش ، بعد ان  تقاعد  الاستاذ  تاديؤش  ليفيتسكي ، ليصبح في  عام  1976 مديرا لمعهد  اللغات  الشرقية  وآدابها . وشغل  في  الوقت نفسه منصب  رئيس  قسم  اللغة  العربية  وآدابها  ورئيس  شعبة  دراسات  القطع  النقدية  والاوراق  المالية والمصادر  الشرقية .
  • أما الاستاذة Maria  Kowalska  فهي  متخصصة  قديرة  في  مجال  تاريخ  الادب  العربي  المتعلق  بالجغرافيا  والترحال . ولدت  في  عام  1919 والى  الآن  تدير  حلقات  بحث  للطلاب  المتقدمين  لشهادة  الماجستير . وهي  تلميذة  للاستاذين  تاديؤش  كوفالسكي  وتاديؤوش  ليفيتسكي  وتتابع  اعمالهما  ومسيرتهما . وقد  نالت  شهادة  الدكتوراه  في  عام 1965 في  بحث  تقدمت  به  عن الجغرافيا  العربية  بعنوان ” مصادر  القزويني عن آثار  البلاد “. وهي مؤلفة  لكتب  عديدة  قيمة  مثل كتاب Sredniowieczna  arabska literatura podroznicza (أدب  الترحال  العربي  في  العصور  الوسطى ) الصادر  عام  1973 ، وكتاب ” أكرانيا  في  منتصف  القرن  السابع  عشر استنادا  الى  تقارير الرحالة  العربي  بولص  ابن  المكري  من  حلب ” الصادر  في  وارسو عام 1986. في  الفترة 1994 – 1999 شغلت  منصب  رئيس  قسم  اللغة  العربية  وآدابها  في  معهد  اللغات  الشرقية  وآدابها  في  جامعة  ياجيلونسكي ،  ولا يزال لها دور  فعال  في  تطوير  علم  الاستشراق  في  بولندا. من جانب آخر،  ترأست  الأستاذة كوفالسكا لسنوات طويلة  فرع  جمعية  الاستشراق  البولندية  في  كراكوف ، والى  اليوم  هي  عضو في  مجلس ادارة  مكتب  ابحاث  الاستشراق .
  • الأستاذة الدكتورة بربارا ميخالاك – بيكولسكا أكاديمية بولندية – أستاذة الأدب العربي في كلية الآداب بجامعة ياجيلونسكي في كراكوف. رئيسة قسم اللغة العربية وآدابها، ومديرة معهد الإستشراق بجامعة ياجيلونسكي. ،عضو الجمعية الأوروبية لمدرسي الأدب العربي وعضو مجلس إدارة الجمعية الأوروبية للمستشرقين، وعضو مجلس إدارة جمعية الدراسات البولندية الشرقية. لها دراسات وكتب عديدة منشورة بالعربية والإنكليزية والبولندية، تتناول الأدب العربي عموما، وأدب دول الخليج العربي خاصة. وقامت بالإشراف على تحرير عدة مؤلفات ودراسات بحثية في مجال الأدب العربي. 2013 – 2016 م تم تعيينها عضوة في مجلس أمناء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية في الرياض وكذلك عضوة في مجلس أمناء مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للابداع الشعري.
  • شاركت في الكثير من المؤتمرات العلمية التي عقدت في بلدان أوروبية وعربية من بينها: بولندا – روسيا – ألمانيا – فرنسا – إيطاليا – هنغاريا – بلجيكا – الأردن – البحرين- تونس – سويسرا – عمان – المملكة العربية السعودية. من أهم مؤلفاتها : القصص القصيرة المعاصرة الكويتية في الحرب والسلام منذ 1929 إلى 1995 (كراكوف ، 1998) ، نماذج من القصة في الجزيرة العربية (كراكوف ، 2000) ،
  • النثر والشعر العماني المعاصر من 1970 حتى 2000 (كراكوف ، 2002) ، أكثر من (140) مقالة عن الأدب في الخليج العربي ، اضافةً إلى النثر والشعر البحريني المعاصر (كراكوف، 2006) والأدب الاماراتي المعاصر (كراكوف ، 2012) .                 
  • لا شك أن تعليم اللغة العربية، في الجامعات البولندية، قد بدأ يأخذ أبعادا جديدة، مع تزايد الاهتمام بالثقافة العربية والإسلامية مؤخرا.
  • تُعدّ جامعة ياجيلونسكي في كراكوف من أعرق المؤسسات التعليمية في أوروبة الوسطى والشرقية. وقد كانت اللغة العربية من أهم اللغات التي دُرّست في قسم الاستشراق؛ وهذا القسم تعود بدايات تأسيسه إلى عام 1919، ولكنه حُوّل في عام 1972 إلى معهد الآداب الشرقية التابع لجامعة ياجيلونسكي.
  • يعمل في قسم اللغة العربية فريق مكون من اثني عشر مدرسا وأستاذا من ذوي الاختصاصات المختلفة في مجال علوم اللغة العربية، كتابة، ونطقا، ونحوا، وفي مجال الأدب العربي، نثرا، وشعرا، وفي شؤون التاريخ العربي والإسلامي. وكذلك تُدرّس بعض اللهجات العربية الرئيسة كالمصرية والشامية والمغربية في الصفوف الدراسية .
  • يتقدم كل عام عدد كبير من الطلاب الراغبين بتعلم اللغة العربية (حوالي 250 طالبا) إلى امتحانات القبول، وكلهم من البولنديين، لكن وللأسف لا يُقبل منهم إلا 50 طالبا. ويعود سبب ذلك إلى عدم إمكانية استيعاب جميع المتقدمين، فالقاعات الدراسية صغيرة، وقدرات الجامعة المالية محدودة، لا تسمح بتوسيع القسم. وتجدر الإشارة هنا إلى أن نظام التعليم الجامعي حاليا يتكون من ثلاث سنوات، يحصُل في نهايتها الطالب على شهادة الليسانس (البكالوريوس)، وبعد ذلك تأتي مرحلة الماجستير ومدتها سنتان، ثم الدكتوراه ومدتها 4 سنوات. ويبلغ مجموع الطلاب، الذين يتخرجون في قسم اللغة العربية حاملين درجة الماجستير، نحو 15 طالبا سنويا. وبعض هؤلاء يقوم بالعمل على إتمام الدراسات العليا في معهدنا من أجل نيل درجة الدكتوراه، وفي قسمنا الآن العديد من المعيدين والمعلمين، الذين يسعون إلى إنهاء أطروحة الدكتوراه.
  • يوجد في المعهد مكتبة صغيرة تحتوي على مئات الكتب العربية، إلا أنها لا تشكل سندا كبيرا للطلاب، إذ تخلو من كثير من الكتب والمراجع المهمة المعروفة، التي يحتاجها دارسو علوم اللغة والأدب والتاريخ. وغالبا ما يكون اعتماد الطلاب على كتب ومراجع يشترونها أو يحصلون عليها بطرق خاصة. على كل حال فإن المكتبة تحتاج إلى دراسة منهجية، تأخذ بعين الاعتبار تزويد الطلبة بكل ما هو لازم وجديد في أساليب تعليم اللغة العربية وآدابها .
  • تعتمد طرائق تدريس العربية على الجهود الفردية للمدرسين، وبحثهم الذاتي عن النصوص والمواد اللازمة لتطوير مستوى الطلبة، ومحاولة خلق أساليب جديدة تتماشى مع تطور طرق التعليم الحديثة. ورغم وجود بعض البرامج التي وُضِعت سابقا، من قبل بعض الأساتذة، كمنهج لكل صف دراسي على حدة، إلا أن تلك البرامج لا تشكل منهجا علميا متكاملا يساعد في تطوير مستوى التعليم بالشكل المطلوب. لذلك كان واجبا على الأساتذة، الذين يبتغون النهوض بمستوى طلابهم، العمل على إيجاد مراجع ومصادر علمية أخرى، وصقلها لتكون مستساغة من قبل الطلاب، ومن ثم تقديمها إليهم والبحث في أمورها.
  • إن تعليم اللغة العربية في قسمنا يبدأ من الصفر، أي من تعليم الحروف وطريقة كتابتها ونطقها. وغالبا ما تكون البداية صعبة فالطلاب المبتدئين يجدون صعوبات كبيرة في تعلم نطق العديد من الحروف العربية، التي لا يوجد لها مقابل في اللغة البولندية. فمثلا حروف الخاء، والحاء، والهاء، هي حرف واحد في لغتنا، ناهيك عن عدم وجود حروف عديدة مثل: الثاء، والذال، والعين، والغين، والطاء، والظاء، والصاد، والضاد، والقاف، وكل ذلك يستدعي وقتا كبيرا، وجهدا عظيما، لتدريب الطلاب وتعويدهم لفظ هذه الحروف وتمييزها بدقة. ويعتمد الأساتذة على كتب لتعليم اللغة العربية من مصادر عديدة منها بولندية، وأمريكية، وعربية، تقوم على طرائق حديثة ومزودة بأقراص مدمجة وبرامج كمبيوتر.  
  • إن محاولة النهوض في طرائق تدريس العربية تتطلب أن تتخذ الصفوف الأولى للدراسة منهجا مماثلا لمناهج التعليم، التي تتبعها معاهد تعليم اللغة العربية للأجانب في البلاد العربية، ومنها على سبيل المثال، المعهد الموجود في مدينة دمشق، الذي كثيرا ما امتدحه الطلاب المبتعثون إليه. غير أن هذا الأمر يتطلب مساعدة تلك المعاهد العربية، التي يمكنها – بوساطة دعم الدولة – أن تدعو إليها، كل عام، عددا من الطلبة والمعلمين للإفادة من طرائق وأساليب التعليم في صفوفها. ويمكن إيجاد صيغة تعاون ما بين الهيئات البولندية والمؤسسات العربية المختصة بهذا الشأن، يكون من أهدافها تفعيل النشاطات المشتركة، وتبادل المختصين من الطرفين.
  • أما في ما يتعلق بوضع الصفوف العليا، فطلاب هذه الصفوف يحتاجون إلى المزيد من الجهد لتطوير طاقاتهم اللغوية وتوظيفها في المحادثة، وهي من أصعب الأمور التي تواجه دارسي اللغة العربية من الأجانب. وتكمن هذه الصعوبة، قبل كل شيء، بصدمة اللهجات العربية، التي إلى الآن لا توجد طريقة مثلى، ومنهجية خاصة، لتدريسها. لذا نرى أن أفضل طريق لهضم اللهجات العربية هو التواصل بين الطلاب والشارع العربي، وذلك من خلال المنح الدراسية (مدة عام واحد مثلا)، التي نرجو من الجامعات العربية، والدوائر المختصة بهذا الشأن، أن تقدمها بصورة دورية إلى عدد من الطلاب المتفوقين. وقد حصل عدد كبير من طلابنا على منح دراسية من بلدان عربية عديدة كالكويت، والسعودية، وقطر، ومصر، وتونس، والمغرب، والأردن، وكذلك من مؤسسة إيرازموس – أوروبا (ألمانيا، إيطاليا، بريطانيا، فرنسا). ومن شأن هذه المنح الدراسية أن تسهم في عملية التعارف، وتبادل الأفكار، والحصول على المعرفة. ويحتاج طلاب الصفوف العليا إلى سماع المحاضرات اللغوية والأدبية والثقافية الأخرى، التي تقرب إلى أذهانهم المخزون الثقافي العربي الزاخر، وتساعدهم في الإعداد والتحضير لرسالة الماجستير.
  • يمكن تقسيم طريقة تعليم اللغة العربية إلى منهجين: تعليم العربية في العالم العربي، وتعليمها خارجه. لا يمكن أن تتم العملية التعليمية دون المتعلم والمعلم، وكل طرف منهما لديه آمال وتوقعات ليحققها. فالطالب ينتظر معلما ممتازا ومادة تثير اهتمامه. عندما دَرَست اللغة العربية في الثمانينيات كان الاستماع إلى الكلام العربي ممكنا فقط عن طريق راديو ذي نوعية رديئة جدا. وكان الحصول على منحة في تونس، أو مصر، أو سوريا، أو الأردن، أو الكويت، أملنا الوحيد لمعرفة العربية عن قرب. أما الآن فالمحطات الفضائية والإنترنت تمكن الطلاب من الاستماع إلى لغة الضاد، سواء الفصيح منها أو العامي، بجودة عالية جدا. وجدير بالذكر أن قسمنا الآن يمتلك كادرا تعليميا فيه ثلاثة مدرسين عرب، لغتهم الأم العربية، وهم يقومون بتعليم اللغة العربية، وبعض لهجاتها، وتطبيقاتها في الكتابة والمحادثة، وهذا ما ينعكس بشكل إيجابي على العملية التعليمية.
  • غالبا ما يتم تضخيم العوائق اللغوية، وهي – حسب آراء كثير من الناس – تعرقل  بلوغ الغاية المنشودة وتحقيق النتيجة المُرضية في مجال الترجمة من وإلى اللغات التي تنتمي إلى أُسر لغوية مختلفة، ومثال ذلك العربية والبولندية، فالأولى تنتمي إلى اللغات السامية، بينما الثانية تُعدّ من اللغات الهندية الأوروبية. ينظر البولنديون إلى العربية على أنها لغة غريبة، ومليئة بالتعقيدات اللغوية، نظرا للبنية المورفولوجية والنحوية المتغيرة في تركيب الجمل. وما يعمق شعورهم بهذه التعقيدات اختلاف الأبجدية العربية وطريقة كتابتها الصعبة. لذلك كان علينا، في دروس الترجمة، أن نعلم طلابنا الزيادة، أو الحذف، أو تغيير موضع الكلمات في الجملة وفقا للضرورة.
  • عندما يقوم الطلاب بترجمة النصوص المطلوبة تنشأ لديهم مشكلات كبيرة في ترجمة الكلمات التي تتصل بالحياة اليومية، ومن ذلك أسماء الملابس وأنواعها، والمصطلحات الدينية ومنها: السُّبحة أو المِسبحة، حاجّ، شهيد، حجاب، نقاب، بسملة… إلخ. وغالبا ما تُترجم هذه الكلمات بوضع شروح تفسيرية لها في الهوامش.
  • يسعى تطبيق التعليم الجامعي، وقبل كل شيء، إلى بلوغ القدرة والكفاءة على التواصل في المحادثة وفي الكتابة على حد سواء. وكلا الأمرين يصعب تحقيقه، فالمشكلة تبدأ أولا من اتجاه كتابة الحروف، من اليمين إلى اليسار، مرورا باختلاف أشكال الحروف حسب موقعها، وانتهاء بكتابة الحروف الساكنة والمتحركة. في بداية التعليم لا نستخدم الكتابة الهجائية الأجنبية، إذ ينبغي على الطالب أن يتمثل الألفاظ العربية بطريقة كتابتها الأصلية فقط، لكن يمكن للطالب أن يشكل حروف الكلمات بالحركات اللازمة.
  • في الختام أود التأكيد أن مستقبل تعليم اللغات، ومن ضمنها اللغة العربية، يتمثل بالتعليم الإلكتروني (e-learning)، وقد بدأت جامعتنا بتطبيقه بالفعل لسد حاجات التعليم في المرحلة ما بعد الجامعية المخصصة لحرس الحدود. إن تعليم اللغة العربية يمكن أن يتطور ويعطي نتائج جيدة تفيد في نشر الثقافة العربية، وجعلها مألوفة لدى الثقافات الأخرى. ولكن نجاح ذلك يظل مرهونا بالدعم والتوجيه البنّاء من قبل الجامعات العربية، والمؤسسات المعنية بنشر الثقافة العربية، ومنها السفارات العربية في بولندا .
Facebook
Twitter
LinkedIn