الدكتورة بربارا ميخالاك
مديرة معهد الاستشراق
جامعة ياجيلونسكي في كراكوف
بولندا
- بربارا ميخالك – بيكولسكا
- رئيسة قسم اللغة العربية
- مائة عام من دراسات اللغة العربية وآدابها في جامعة ياجيلونسكي في كراكوف – الإنجازات والصعوبات
- مدينة كراكوف هي واحدة من اكبر واقدم المدن البولندية . في عام 1038 جعل منها الملك البولندي Kazimierz Odnowiciel (كاجمييج أودنوفيتشيل) عاصمة للدولة البولندية . ان أقدم مقر لجامعة ياجيلونسكي هو مبنى Kollegium Maius (كوليجيوم مايوس)، الذي يعتبر من بين اروع الأبنية في الجزء القديم من كراكوف ، اذ يعود تاريخ بنائه الى القرن الخامس عشر . وفي عام 1978 اعلنت منظمة اليونيسكو هذه المدينة مركزا محميا للتراث الثقافي العالمي وهي حاليا العاصمة الأوروبية للثقافة.
- في عام 1364 اسس الملك البولندي Kazimierz Wielki (كاجمييج فييلكي) في مدينة كراكوف، عاصمة المملكة البولندية آنذاك، جامعة كانت الاولى من نوعها في اوروبا الوسطى. ويرجح ان مقرها كان قائما في القصر الملكي “فافيل” على مرأى من عيني الملك نفسه. ولم يمض وقت طويل على تأسيس هذه الجامعة حتى شغلت مكانا مرموقا في الثقافة العالمية. كان Stanislaw ze Skalbimierza (ستانيسواف من سكالبمييج) ( المتوفى عام 1431) اول رئيس لها، ويعتبر اليوم احد واضعي القانون الدولي العام. ازدهرت جامعة كراكوف في مجالي الرياضيات وعلم الفلك في النصف الثاني من القرن الخامس عشر وقد درس فيها في الفترة 1491 – 1495 عالم الفلك الشهير نيقولاوس كوبرنيكوس صاحب النظرية – الثورة “ niebieskich O obrotach cial“ (عن دوران الأجرام السماوية). ومما يدل على مكانة الجامعة العالمية المميزة في ذلك الوقت ازدياد عدد الطلاب الأجانب في صفوفها حيث بلغت نسبتهم 44% من مجمل عدد الطلاب الدارسين خلال الفترة الممتدة من 1433 – 1510. وأصبحت كراكوف الى جانب اشبيليا وتوليدو المركز الأكاديمي الأكثر شهرة، وأضحت جامعتها مركزا هاما لعلوم الجغرافيا ايضا. وقد تم ادخال تعليم اللغة اليونانية الى حقل التدريس في بداية القرن السادس عشر الأمر الذي شكل سابقة لا مثيل لها في أوروبا. وفي ذلك العصر نشأ فيها شعراء مشهورون بولنديون مثل Jan Kochanowski (يان كوخانوفسكي) و Mikolaj Rej (ميكواي ري) و Andrzej Frycz Modrzewski (أندجي فريتش مودجييفسكي). وفي نهاية القرن السابع عشر كان الملك البولندي Jan III Sobieski (يان سوبييسكي الثالث) أحد طلاب هذه الجامعة التي شهدت في القرن الثامن عشر تطورات ايجابية، حيث بدأ فيها التعليم المنظم للغات الأجنبية المختلفة كالفرنسية والألمانية، وأدخلت الى مقرراتها محاضرات حول القانون البولندي والهندسة العسكرية. وقد اجرى رئيسها في تلك الفترة Hugon Kollataj (هوغون كوونتاي) اصلاحات جذرية فيها ، فأحدثت بنية تنظيمية جديدة ، و أنشئ مرصد فلكي ، وحديقة للنباتات و مستوصفات سريرية بالإضافة إلى ذلك بني أول مخبر فيها. أخذت المحاضرات تلقى في أقسامها باللغة البولندية. ومنذ بداية عام 1817 اصبح اسم هذه الجامعة ” جامعة ياجيلونسكي ” وغدت أحد أهم المراكز العلمية في العالم. وكان لتوسيع بنيتها التحتية الفضل الاكبر في الوصول الى ذلك المستوى العلمي الرفيع . في العام الدراسي الذي سبق الحرب العالمية الأولى كان في هذه الجامعة 97 قسما واكثر من ثلاثة آلاف طالب و طالبة ، وقد بدأت الطالبات بالدراسة فيها منذ عام 1897 .
- لقد كان وضع جامعة ياجيلونسكي تحت نير الاحتلال النازي اثناء الحرب العالمية الثانية مأساويا . في السادس من شهر نوفمبر عام 1939 قام الألمان بدعوة اساتذة الجامعة لمحاضرة كانت بحقيقتها خدعة . حيث قام رجال الأمن الألمان باعتقال 144 استاذا ومعيدا وعددا من طلاب كلياتها أرسلوهم جميعا الى معسكرات الاعتقال والتعذيب ، وأغلقت الجامعة وتم فك وتخريب الكثير من تجهيزاتها ونقل الجزء الكبير منها الى المانيا . لكن إرادة العلم عند هؤلاء الكوادر والطلاب بقيت حية وبدأ التعليم في الجامعة من جديد ينشط سرا . فحتى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 تلقى العلم فيها سرا حوالي 800 طالبا. وفي العام الدراسي الأول بعد الحرب بلغ عدد الطلاب المسجلين فيها اكثر من خمسة آلاف . و لسوء الحظ بدأت في عام 1948 فترة سيئة في تاريخ هذه المؤسسة التعليمية ، حيث شملتها سلبيات ما سمي بفترة الحكم الستاليني . ولكن عام 1956 شكل نقطة انعطاف حيث بدأ الأساتذة المبعدون من قبل بالعودة اليها . وفي عام 1964 احتفلت جامعة ياجيلونسكي بذكرى مرور 600 سنة على تأسيسها.
- تتألف هذه الجامعة حاليا من احدى عشرة كلية هي : الحقوق والادارة ، الفلسفة ، التاريخ ، الآداب ، الرياضيات والفيزياء ، البيولوجيا وعلوم الأرض ، الكيمياء ، وكلية ادارة الأعمال والعلاقات الاجتماعية . وابتداء من 12 مايو عام 1992 عاد كوليجيوم الطب ليصبح احد أقسامها الرئيسية. يتخذ رئيس الجامعة وعمداء كلياتها مقارا لهم في مبنى كوليجيوم نوفوم الذي تم بناؤه في عام 1887. بالقرب منه يوجد مبنى كوليجيوم مايوس ، الذي يعتبر أول كوليجيوم للأساتذة وقد كان في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مقرا لمكتبة ياجيلونسكي . أما متحف جامعة ياجيلونسكي ، المتواجد حاليا في هذا المبنى والذي يضم مجموعة من التجهيزات القديمة المعدة للتعليم وتذكارات من مختلف فترات عمل الجامعة وصورا عديدة لأساتذتها ، هو دليل حي وقاطع يثبت أنها أقدم مؤسسة تعليمية في بولندا .
- تعود بداية تاريخ قسم الاستشراق في كراكوف الى عام 1919 عندما تم ، بناء على اقتراح من الاستاذ Tadeusz Kowalski تاديوش كوفالسكي ، تنظيم ندوة حول موضوع آداب الاستشراق .
- درس تاديؤش كوفالسكي في فيينا وكان مدرسه الاستاذ Rudolf Geyer العالم الكبير في مجال الأدب العربي الكلاسيكي . وقد بدأ العمل عام 1911/1912 في جامعة ستراسبورغ ، التي عمل فيها آنذاك محاضران قديران في مجالي الاستعراب والاستشراق هما Theodor Noldeke و Enno Littman . وفي عام 1914 حصل تاديؤش كوفالسكي من جامعة ياجيلونسكي على درجة بروفيسور مساعد بعد تقديمه الطبعة النقدية لديوان الشاعر العربي القديم قيس ابن الحاتم وترجمته . وكانت هذه أول درجة علمية بهذا المستوى تم تحقيقها في مجال الاستعراب في تاريخ العلوم البولندية . ولم تقتصر اهتمامات تاديؤش كوفالسكي العلمية على الشرق الأوسط العربي بل طالت أيضا تركية وفارس . وكمستعرب فقد انصب اهتمامه على الشعر العربي القديم ، اذ اصدر ، من بين ما اصدره ، ديوان قيس ابن الحاتم (1914) وكعب ابن زهير (1950) وذلك بالتعاون مع الأستاذ تاديؤش ليفيتسكي . عدا ذلك اهتم بنظرية الأدب العربي وأثمر ذلك كتابا نشره تحت عنوان “”Proba charakterystyki tworczosci arabskiej (محاولة وصف وتصوير الإنتاج الأدبي العربي) (1932) . وفي عام 1935 اصدر في كراكوف كتابا بعنوان “Na szlakach Islamu ” (على دروب الاسلام ) وهو عبارة عن مقتطفات من تاريخ ثقافات الشعوب الاسلامية . أما في عام 1946 فقد نشر مجموعة من تقارير لابراهيم ابن يعقوب عن سفره الى البلدان السلافية نقلها البكري.[
- ولمع اسم استاذ آخر في مجال الاستشراق هو Tadeusz Lewicki (تاديوش ليفيتسكي) وكانت له شهرة عالمية . ولد ليفيتسكي في التاسع والعشرين من شهر يناير 1906 في مدينة لفوف ، وبدأ فيها ، عام 1925 ، دراسة الحقوق و ذلك في جامعة يان كاجمييج . في عام 1928 سافر الى باريس حيث درس العلوم السياسية واللغات الشرقية وكان راغبا في الوقت نفسه بالعمل في المجال الدبلوماسي وبالسفر الى بلدان العالم الاسلامي . ومن هناك سافر ، للمرة الأولى ، إلى الجزائر حيث عاش في الوسط العربي عدة شهور ، وقام برحلته الأولى في الصحراء مرتديا لباسا بدويا ، مرافقا رعاة الجمال. وقد كان لاتصالاته بالعالم العربي ، في سن شبابه ، تأثير كبير على مسيرة حياته كاملة . وبعد عودته الى لفوف بدأ دراسة الاستشراق تحت اشراف الأستاذ Zygmunt Smogorzewski ( زيغمونت سموغوجيفسكي ) الذي كان في دراساته مهتما بالدرجة الاساسية بطائفة العبادية المسلمة . في عام 1931 نال درجة الدكتوراه بعد تقديمه بحثا عن تاريخ افريقيا الشمالية في فترة مبكرة من العصور الوسطى . وقد ضمه الاستاذ سموغوجيفسكي الى دائرة المهتمين بطائفة العبادية وبشكل أساسي إلى اتباعها من مزاب في الصحراء الجزائرية الوسطى ، ومن المغرب العربي ومن جزيرة جربة و عمان . وقد تابع الاستاذ اهتمامه بهذا المجال حتى نهاية حياته واصبح أكثر الباحثين اعتبارا وشهرة في اوروبا في هذا الاختصاص . ان حصوله على منحة في جامعة السوربون في الفترة 1932 – 1934 مكنه من جمع الكثير من المواد العلمية عن تاريخ السلافيين واللغة العربية وآدابها حيث نشرها لاحقا في عمله الذي يحمل عنوان ” بولندا والدول المجاورة لها في ضوء ” كتاب روجير” لعالم الجغرافيا العربي الادريسي من القرن الثاني عشر” (الجزء الأول 1945 ، والجزء الثاني 1954) .
- في عام 1948 ترأس تاديؤش ليفيتسكي قسم الاستشراق في جامعة ياجيلونسكي وحوله في عام 1972 الى معهد للغات الشرقية وآدابها الذي ضم وقتذاك الاقسام التالية : قسم اللغة العربية وآدابها ، قسم اللغة الفارسية وآدابها ، وقسم اللغة التركية وآدابها ، وقسم اللغة الهندية وآدابها ، ثم قسم اللغة اليابانية وآدابها ( منذ عام 1989 ). وهكذا جعل ليفيتسكي من قسم اللغات الشرقية وآدابها الذي خلفه الاستاذ تاديؤش كوفالسكي بعد وفاته ، معهدا له شمولية اوسع في مجال البحث ليشمل بلدان وثقافات الشرقين الأقصى والأوسط وصولا حتى افريقيا الغربية . وبفضل جهود هذا الاستاذ نشأت في عام 1959 مجلة Folia Orientalna (فوليا أورينتالنا). عدا ذلك طلب منه التعاون والمساعدة في اعداد الطبعة الثانية لموسوعة الاسلام حيث أغناها بالتعابير والمفاهيم التي تخص تاريخ افريقيا الشمالية وثقافتها ولهجاتها . ومنذ بداية الستينات انخرط الاستاذ ليفيتسكي في اجراء ابحاث حول تاريخ افريقيا ، وعلى وجه الخصوص اهتم بالكتابة حول البربر .
- قبيل نهاية الخمسينات قام الاستاذ ليفيتسكي بانشاء شعبة الدراسات المتعلقة بالقطع النقدية والأوراق المالية في معهد تاريخ الثقافات التابع للاكاديمية البولندية للعلوم . تحولت هذه الشعبة في عام 1968 الى شعبة خاصة بدراسة مصادر الاستشراق واصول القطع النقدية والأوراق المالية في معهد اللغات الشرقية وآدابها . وقد شجعه على اتخاذ هذه الخطوة العثور على قطع نقدية عربية في الاراضي البولندية . وبعد عدة سنوات من ذلك الوقت قام بتوسيع مجال عمل هذه الشعبة لتشمل الابحاث المتعلقة بمصادر الاستشراق التي بدأها بنفسه قبل ذلك الوقت بعدة سنوات عندما اصدر في عام 1956 الجزء الأول بعنوان ” Zrodel arabskich do dziejow Slowianszczyzny ” (المصادر العربية المتعلقة بتاريخ حياة الشعوب السلافية ) . وكذلك كان الاستاذ ليفيتسكي أول من ترجم كتاب الف ليلة وليلة الى اللغة البولندية ترجمة كاملة نشرت في وارسو في عام 1974 . تتألف قائمة الاعمال والكتب التي اصدرها الاستاذ ليفيتسكي في الفترة 1929 – 1993 من حوالي خمسمئة نقطة تشمل المقالات والاعمال النقدية والكتب التي تتناول ، بالاضافة الى طائفة العبادية المسلمة ، تاريخ العصور الوسطى لكل من اوروبا وافريقيا الوسطى وجنوب شرق آسيا.
- وهناك اسم لامع آخر في هذا المجال هو الاستاذ Roman Stopa (رومان ستوبا) (1885 – 1995) ، الذي بعد انتهائه من دراسة الأدب الكلاسيكي بجامعة ياجيلونسكي سافر الى أفريقيا الجنوبية وتعلم هناك اللهجات المحلية . وكان المتخصص الوحيد ، في مرحلة الأربعينات ، بعلم لغات ماسمي ” بافريقيا السوداء ” ، وقد حاضر وقتذاك في مجال اللغات السواحلية والهوسة والكوشي .
- أما الاستاذ Andrzej Czapkiewicz (1929 – 1990) فكان شخصية بارزة في مجال اللغة العربية ولهجاتها وكذلك في مجال اللغات السامية . في الفترة 1948 – 1952 درس اللغة العربية وآدابها في جامعة ياجيلونسكي تحت اشراف الاستاذ تاديؤش ليفيتسكي . بعد التخرج عين معيدا مساعدا للاستاذ ليفيتسكي ، وفي عام 1964 نال درجة الدكتوراه بعد تقديمه بحثا عن ” „Antyczne egipskie i koptyjskie elementy w nazewnictwie wspolczesnego Egiptu (العناصر المصرية والقبطية القديمة في اصول واشكال التسميات في مصر الحديثة ) ، وقد نشر هذا البحث في كراكوف عام 1971 . وفي عام 1975 صدر له في مدينة فروتسواف البولندية كتاب بعنوان ” الفعل في اللهجات العربية المعاصرة ” وقد عني هذا الكتاب بمشاكل علم اللغة في العالم العربي كما هو حال اعماله الأخرى مثل „Sprachproben aus Madaba” (نصوص تجريبية من مادبة ) التي صدرت في فروتسواف في عام 1960 ، و ” المصطلحات العربية ” التي صدرت في عام 1983 . وتشير عناوين اصدارات الاستاذ تشابكيفيتش الى اتجاهين اساسيين في ابحاثه المنصبة على مجال علم اللغات أولهما: علم اللغات وتاريخ علم اللغة في العربية ؛ وثانيهما: دراسة او جمع القطع النقدية والاوراق المالية العربية . واصدر في هذا المجال بالاشتراك مع Maria Czapkiewicz وتاديؤش ليفيتسكي دراسة علمية بعنوان „Skarb dirahmow z Czechowa” (خزينة الدراهم من تشيخوف ) التي نشرت في فروتسواف عام 1957 . عدا ذلك قام الاستاذ تشابكيفيتش بكتابة عدة مؤلفات لتعليم اللغة العربية منها ” نتعلم اللغة العربية ” ( في عام 1977 ) و ” مختارات من النصوص العربية الاختصاصية ” ( في عام 1982) .
- وقد ترقى الاستاذ تشابكيفيتش ، بعد ان تقاعد الاستاذ تاديؤش ليفيتسكي ، ليصبح في عام 1976 مديرا لمعهد اللغات الشرقية وآدابها . وشغل في الوقت نفسه منصب رئيس قسم اللغة العربية وآدابها ورئيس شعبة دراسات القطع النقدية والاوراق المالية والمصادر الشرقية .
- أما الاستاذة Maria Kowalska فهي متخصصة قديرة في مجال تاريخ الادب العربي المتعلق بالجغرافيا والترحال . ولدت في عام 1919 والى الآن تدير حلقات بحث للطلاب المتقدمين لشهادة الماجستير . وهي تلميذة للاستاذين تاديؤش كوفالسكي وتاديؤوش ليفيتسكي وتتابع اعمالهما ومسيرتهما . وقد نالت شهادة الدكتوراه في عام 1965 في بحث تقدمت به عن الجغرافيا العربية بعنوان ” مصادر القزويني عن آثار البلاد “. وهي مؤلفة لكتب عديدة قيمة مثل كتاب “Sredniowieczna arabska literatura podroznicza“ (أدب الترحال العربي في العصور الوسطى ) الصادر عام 1973 ، وكتاب ” أكرانيا في منتصف القرن السابع عشر استنادا الى تقارير الرحالة العربي بولص ابن المكري من حلب ” الصادر في وارسو عام 1986. في الفترة 1994 – 1999 شغلت منصب رئيس قسم اللغة العربية وآدابها في معهد اللغات الشرقية وآدابها في جامعة ياجيلونسكي ، ولا يزال لها دور فعال في تطوير علم الاستشراق في بولندا. من جانب آخر، ترأست الأستاذة كوفالسكا لسنوات طويلة فرع جمعية الاستشراق البولندية في كراكوف ، والى اليوم هي عضو في مجلس ادارة مكتب ابحاث الاستشراق .
- الأستاذة الدكتورة بربارا ميخالاك – بيكولسكا أكاديمية بولندية – أستاذة الأدب العربي في كلية الآداب بجامعة ياجيلونسكي في كراكوف. رئيسة قسم اللغة العربية وآدابها، ومديرة معهد الإستشراق بجامعة ياجيلونسكي. ،عضو الجمعية الأوروبية لمدرسي الأدب العربي وعضو مجلس إدارة الجمعية الأوروبية للمستشرقين، وعضو مجلس إدارة جمعية الدراسات البولندية الشرقية. لها دراسات وكتب عديدة منشورة بالعربية والإنكليزية والبولندية، تتناول الأدب العربي عموما، وأدب دول الخليج العربي خاصة. وقامت بالإشراف على تحرير عدة مؤلفات ودراسات بحثية في مجال الأدب العربي. 2013 – 2016 م تم تعيينها عضوة في مجلس أمناء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية في الرياض وكذلك عضوة في مجلس أمناء مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للابداع الشعري.
- شاركت في الكثير من المؤتمرات العلمية التي عقدت في بلدان أوروبية وعربية من بينها: بولندا – روسيا – ألمانيا – فرنسا – إيطاليا – هنغاريا – بلجيكا – الأردن – البحرين- تونس – سويسرا – عمان – المملكة العربية السعودية. من أهم مؤلفاتها : القصص القصيرة المعاصرة الكويتية في الحرب والسلام منذ 1929 إلى 1995 (كراكوف ، 1998) ، نماذج من القصة في الجزيرة العربية (كراكوف ، 2000) ،
- النثر والشعر العماني المعاصر من 1970 حتى 2000 (كراكوف ، 2002) ، أكثر من (140) مقالة عن الأدب في الخليج العربي ، اضافةً إلى النثر والشعر البحريني المعاصر (كراكوف، 2006) والأدب الاماراتي المعاصر (كراكوف ، 2012) .
- لا شك أن تعليم اللغة العربية، في الجامعات البولندية، قد بدأ يأخذ أبعادا جديدة، مع تزايد الاهتمام بالثقافة العربية والإسلامية مؤخرا.
- تُعدّ جامعة ياجيلونسكي في كراكوف من أعرق المؤسسات التعليمية في أوروبة الوسطى والشرقية. وقد كانت اللغة العربية من أهم اللغات التي دُرّست في قسم الاستشراق؛ وهذا القسم تعود بدايات تأسيسه إلى عام 1919، ولكنه حُوّل في عام 1972 إلى معهد الآداب الشرقية التابع لجامعة ياجيلونسكي.
- يعمل في قسم اللغة العربية فريق مكون من اثني عشر مدرسا وأستاذا من ذوي الاختصاصات المختلفة في مجال علوم اللغة العربية، كتابة، ونطقا، ونحوا، وفي مجال الأدب العربي، نثرا، وشعرا، وفي شؤون التاريخ العربي والإسلامي. وكذلك تُدرّس بعض اللهجات العربية الرئيسة كالمصرية والشامية والمغربية في الصفوف الدراسية .
- يتقدم كل عام عدد كبير من الطلاب الراغبين بتعلم اللغة العربية (حوالي 250 طالبا) إلى امتحانات القبول، وكلهم من البولنديين، لكن وللأسف لا يُقبل منهم إلا 50 طالبا. ويعود سبب ذلك إلى عدم إمكانية استيعاب جميع المتقدمين، فالقاعات الدراسية صغيرة، وقدرات الجامعة المالية محدودة، لا تسمح بتوسيع القسم. وتجدر الإشارة هنا إلى أن نظام التعليم الجامعي حاليا يتكون من ثلاث سنوات، يحصُل في نهايتها الطالب على شهادة الليسانس (البكالوريوس)، وبعد ذلك تأتي مرحلة الماجستير ومدتها سنتان، ثم الدكتوراه ومدتها 4 سنوات. ويبلغ مجموع الطلاب، الذين يتخرجون في قسم اللغة العربية حاملين درجة الماجستير، نحو 15 طالبا سنويا. وبعض هؤلاء يقوم بالعمل على إتمام الدراسات العليا في معهدنا من أجل نيل درجة الدكتوراه، وفي قسمنا الآن العديد من المعيدين والمعلمين، الذين يسعون إلى إنهاء أطروحة الدكتوراه.
- يوجد في المعهد مكتبة صغيرة تحتوي على مئات الكتب العربية، إلا أنها لا تشكل سندا كبيرا للطلاب، إذ تخلو من كثير من الكتب والمراجع المهمة المعروفة، التي يحتاجها دارسو علوم اللغة والأدب والتاريخ. وغالبا ما يكون اعتماد الطلاب على كتب ومراجع يشترونها أو يحصلون عليها بطرق خاصة. على كل حال فإن المكتبة تحتاج إلى دراسة منهجية، تأخذ بعين الاعتبار تزويد الطلبة بكل ما هو لازم وجديد في أساليب تعليم اللغة العربية وآدابها .
- تعتمد طرائق تدريس العربية على الجهود الفردية للمدرسين، وبحثهم الذاتي عن النصوص والمواد اللازمة لتطوير مستوى الطلبة، ومحاولة خلق أساليب جديدة تتماشى مع تطور طرق التعليم الحديثة. ورغم وجود بعض البرامج التي وُضِعت سابقا، من قبل بعض الأساتذة، كمنهج لكل صف دراسي على حدة، إلا أن تلك البرامج لا تشكل منهجا علميا متكاملا يساعد في تطوير مستوى التعليم بالشكل المطلوب. لذلك كان واجبا على الأساتذة، الذين يبتغون النهوض بمستوى طلابهم، العمل على إيجاد مراجع ومصادر علمية أخرى، وصقلها لتكون مستساغة من قبل الطلاب، ومن ثم تقديمها إليهم والبحث في أمورها.
- إن تعليم اللغة العربية في قسمنا يبدأ من الصفر، أي من تعليم الحروف وطريقة كتابتها ونطقها. وغالبا ما تكون البداية صعبة فالطلاب المبتدئين يجدون صعوبات كبيرة في تعلم نطق العديد من الحروف العربية، التي لا يوجد لها مقابل في اللغة البولندية. فمثلا حروف الخاء، والحاء، والهاء، هي حرف واحد في لغتنا، ناهيك عن عدم وجود حروف عديدة مثل: الثاء، والذال، والعين، والغين، والطاء، والظاء، والصاد، والضاد، والقاف، وكل ذلك يستدعي وقتا كبيرا، وجهدا عظيما، لتدريب الطلاب وتعويدهم لفظ هذه الحروف وتمييزها بدقة. ويعتمد الأساتذة على كتب لتعليم اللغة العربية من مصادر عديدة منها بولندية، وأمريكية، وعربية، تقوم على طرائق حديثة ومزودة بأقراص مدمجة وبرامج كمبيوتر.
- إن محاولة النهوض في طرائق تدريس العربية تتطلب أن تتخذ الصفوف الأولى للدراسة منهجا مماثلا لمناهج التعليم، التي تتبعها معاهد تعليم اللغة العربية للأجانب في البلاد العربية، ومنها على سبيل المثال، المعهد الموجود في مدينة دمشق، الذي كثيرا ما امتدحه الطلاب المبتعثون إليه. غير أن هذا الأمر يتطلب مساعدة تلك المعاهد العربية، التي يمكنها – بوساطة دعم الدولة – أن تدعو إليها، كل عام، عددا من الطلبة والمعلمين للإفادة من طرائق وأساليب التعليم في صفوفها. ويمكن إيجاد صيغة تعاون ما بين الهيئات البولندية والمؤسسات العربية المختصة بهذا الشأن، يكون من أهدافها تفعيل النشاطات المشتركة، وتبادل المختصين من الطرفين.
- أما في ما يتعلق بوضع الصفوف العليا، فطلاب هذه الصفوف يحتاجون إلى المزيد من الجهد لتطوير طاقاتهم اللغوية وتوظيفها في المحادثة، وهي من أصعب الأمور التي تواجه دارسي اللغة العربية من الأجانب. وتكمن هذه الصعوبة، قبل كل شيء، بصدمة اللهجات العربية، التي إلى الآن لا توجد طريقة مثلى، ومنهجية خاصة، لتدريسها. لذا نرى أن أفضل طريق لهضم اللهجات العربية هو التواصل بين الطلاب والشارع العربي، وذلك من خلال المنح الدراسية (مدة عام واحد مثلا)، التي نرجو من الجامعات العربية، والدوائر المختصة بهذا الشأن، أن تقدمها بصورة دورية إلى عدد من الطلاب المتفوقين. وقد حصل عدد كبير من طلابنا على منح دراسية من بلدان عربية عديدة كالكويت، والسعودية، وقطر، ومصر، وتونس، والمغرب، والأردن، وكذلك من مؤسسة إيرازموس – أوروبا (ألمانيا، إيطاليا، بريطانيا، فرنسا). ومن شأن هذه المنح الدراسية أن تسهم في عملية التعارف، وتبادل الأفكار، والحصول على المعرفة. ويحتاج طلاب الصفوف العليا إلى سماع المحاضرات اللغوية والأدبية والثقافية الأخرى، التي تقرب إلى أذهانهم المخزون الثقافي العربي الزاخر، وتساعدهم في الإعداد والتحضير لرسالة الماجستير.
- يمكن تقسيم طريقة تعليم اللغة العربية إلى منهجين: تعليم العربية في العالم العربي، وتعليمها خارجه. لا يمكن أن تتم العملية التعليمية دون المتعلم والمعلم، وكل طرف منهما لديه آمال وتوقعات ليحققها. فالطالب ينتظر معلما ممتازا ومادة تثير اهتمامه. عندما دَرَست اللغة العربية في الثمانينيات كان الاستماع إلى الكلام العربي ممكنا فقط عن طريق راديو ذي نوعية رديئة جدا. وكان الحصول على منحة في تونس، أو مصر، أو سوريا، أو الأردن، أو الكويت، أملنا الوحيد لمعرفة العربية عن قرب. أما الآن فالمحطات الفضائية والإنترنت تمكن الطلاب من الاستماع إلى لغة الضاد، سواء الفصيح منها أو العامي، بجودة عالية جدا. وجدير بالذكر أن قسمنا الآن يمتلك كادرا تعليميا فيه ثلاثة مدرسين عرب، لغتهم الأم العربية، وهم يقومون بتعليم اللغة العربية، وبعض لهجاتها، وتطبيقاتها في الكتابة والمحادثة، وهذا ما ينعكس بشكل إيجابي على العملية التعليمية.
- غالبا ما يتم تضخيم العوائق اللغوية، وهي – حسب آراء كثير من الناس – تعرقل بلوغ الغاية المنشودة وتحقيق النتيجة المُرضية في مجال الترجمة من وإلى اللغات التي تنتمي إلى أُسر لغوية مختلفة، ومثال ذلك العربية والبولندية، فالأولى تنتمي إلى اللغات السامية، بينما الثانية تُعدّ من اللغات الهندية الأوروبية. ينظر البولنديون إلى العربية على أنها لغة غريبة، ومليئة بالتعقيدات اللغوية، نظرا للبنية المورفولوجية والنحوية المتغيرة في تركيب الجمل. وما يعمق شعورهم بهذه التعقيدات اختلاف الأبجدية العربية وطريقة كتابتها الصعبة. لذلك كان علينا، في دروس الترجمة، أن نعلم طلابنا الزيادة، أو الحذف، أو تغيير موضع الكلمات في الجملة وفقا للضرورة.
- عندما يقوم الطلاب بترجمة النصوص المطلوبة تنشأ لديهم مشكلات كبيرة في ترجمة الكلمات التي تتصل بالحياة اليومية، ومن ذلك أسماء الملابس وأنواعها، والمصطلحات الدينية ومنها: السُّبحة أو المِسبحة، حاجّ، شهيد، حجاب، نقاب، بسملة… إلخ. وغالبا ما تُترجم هذه الكلمات بوضع شروح تفسيرية لها في الهوامش.
- يسعى تطبيق التعليم الجامعي، وقبل كل شيء، إلى بلوغ القدرة والكفاءة على التواصل في المحادثة وفي الكتابة على حد سواء. وكلا الأمرين يصعب تحقيقه، فالمشكلة تبدأ أولا من اتجاه كتابة الحروف، من اليمين إلى اليسار، مرورا باختلاف أشكال الحروف حسب موقعها، وانتهاء بكتابة الحروف الساكنة والمتحركة. في بداية التعليم لا نستخدم الكتابة الهجائية الأجنبية، إذ ينبغي على الطالب أن يتمثل الألفاظ العربية بطريقة كتابتها الأصلية فقط، لكن يمكن للطالب أن يشكل حروف الكلمات بالحركات اللازمة.
- في الختام أود التأكيد أن مستقبل تعليم اللغات، ومن ضمنها اللغة العربية، يتمثل بالتعليم الإلكتروني (e-learning)، وقد بدأت جامعتنا بتطبيقه بالفعل لسد حاجات التعليم في المرحلة ما بعد الجامعية المخصصة لحرس الحدود. إن تعليم اللغة العربية يمكن أن يتطور ويعطي نتائج جيدة تفيد في نشر الثقافة العربية، وجعلها مألوفة لدى الثقافات الأخرى. ولكن نجاح ذلك يظل مرهونا بالدعم والتوجيه البنّاء من قبل الجامعات العربية، والمؤسسات المعنية بنشر الثقافة العربية، ومنها السفارات العربية في بولندا .
- أنشر السيرة الذاتية على مواقعك
Facebook
Twitter
LinkedIn
- السيرة الذاتية بِ دِ فْ